〝نظرة على الشرق الأوسط〞: الجاذبية الثقافية وسهولة الدخول بدون تأشيرة تجعل الصين الوجهة المفضلة حديثًا لسياح الخليج

“رائع للغاية! جميع أصدقائي يرسلون لي رسائل يقولون إنهم لا يصدقون أن هذا حقيقي!” هكذا عبّرت المؤثرة البحرينية زهرة بكر بحماس شديد خلال فعالية ترويج سياحي في العاصمة البحرينية المنامة. زهرة، التي تدير شركة تنظيم معارض وتسافر كثيرًا بحكم عملها، تملك أيضًا حسابًا مؤثرًا على الإنترنت يتابعها فيه عشرات الآلاف. وتضيف: “في السابق، كنت أحتاج إلى تجهيز مستندات التأشيرة كل مرة أزور فيها الصين، أما الآن فكل ما أحتاجه هو جواز السفر وتذكرة الطيران. إنه أمر لا يُصدق حقًا!”

ما الذي أشعل حماس مستخدمي الإنترنت في دول الخليج؟

تنفيذ السياسة: جواز سفر واحد يكفي لبدء رحلة فورية إلى الصين

ما أثار فرحة زهراء وأصدقائها هو إعلان الصين مؤخرًا عن سياسة جديدة قوية للإعفاء من التأشيرة: اعتبارًا من 9 يونيو 2025 وحتى 8 يونيو 2026، يمكن لحاملي جوازات السفر العادية من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، والكويت، والبحرين، دخول الصين دون تأشيرة لأغراض العمل أو السياحة أو زيارة الأقارب أو التبادل أو العبور، لمدة لا تتجاوز 30 يومًا. وبإضافة الإمارات العربية المتحدة وقطر، اللتين تتمتعان بإعفاء متبادل من التأشيرات مع الصين منذ عام 2018، تكون الصين قد حققت تغطية كاملة بالإعفاء من التأشيرة لجميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

وهذا يعني أنه سواء كان رجل أعمال سعودي يبحث عن شركاء جدد في ييوو، أو رحالة عماني يخطط لزيارة جبل هوانغشان أو سور الصين العظيم، أو عائلة كويتية ترغب في تعريف أطفالها على جمال الباندا — فإن جواز السفر وحده كافٍ لبدء رحلة إلى الصين دون عناء.

وتؤكد الأرقام على مدى شمول هذه السياسة وعمقها: مع إضافة الدول الأربع الجديدة، بلغ عدد الدول المشمولة بسياسة الإعفاء الأحادي من التأشيرة في الصين 47 دولة، ما يشكل شبكة مفتوحة تغطي أهم المناطق الاقتصادية والثقافية في العالم. وفي مؤتمر صحفي دوري، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “لين جيان” أن “قائمة الدول المعفاة من التأشيرات تزداد باستمرار، ما يعكس التزام الصين الثابت بالانفتاح على مستوى عالٍ. والتحسين المستمر في تسهيلات التنقل يعكس التزام الصين ببناء اقتصاد عالمي منفتح من خلال خطوات عملية.” وفي المستقبل، ستواصل الصين “الانفتاح على نطاق أوسع والتعاون بعمق أكبر لتقاسم الازدهار مع دول العالم.” فهذه ليست مجرد تعديلات في سياسة التأشيرات، بل إشارة قوية إلى انفتاح الصين على العالم.

الخليج “يغلي بالحماس”: من إشادة رسمية إلى توق مشترك من الشعوب

خبر الإعفاء من التأشيرة إلى الصين يتصدر الإنترنت في عدة دول خليجية

عند إعلان هذه السياسة، أثارت بسرعة موجة حماس في العديد من دول الخليج. نشرت وزارة الخارجية السعودية فوراً على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” أن هذه الخطوة “ستشجع الزيارات المتبادلة بين شعبي البلدين وتعزز الصداقة بينهما”. قامت وسائل الإعلام الرئيسية في الكويت وعُمان بتغطية هذه السياسة الهامة بسرعة، ناقلةً هذه الأخبار الجيدة عن تسهيل السفر إلى مواطنيها.

وقالت وزيرة السياحة البحرينية فاطمة في مقابلة صريحة: “لطالما رغب شعب البحرين في السفر إلى الصين، وستشجع سياسة الإعفاء من التأشيرة بشكل أكبر البحرينيين على زيارة الصين؛ ونأمل أيضاً أن يأتي السياح الصينيون إلى البحرين لاستكشاف عروضنا السياحية الغنية.” كانت كلماتها مليئة بالتطلع لتعميق التبادل المستقبلي بين الطرفين.

وكان رد الفعل في السوق مباشراً وسريعاً. تُظهر البيانات أنه في أول يوم بعد إعلان السياسة، ارتفع حجم البحث عن رحلات من دول مجلس التعاون إلى الصين بنسبة 90٪ على أساس شهري، وكان السعوديون في الصدارة من حيث حجم البحث، مما يدل على توقُّع الجمهور الشديد للسفر إلى الصين.

رد فعل السوق: التنافس لاقتناص زخم “الحمى الصينية”

في مواجهة هذا الطلب الهائل، استجاب سوق الطيران والسياحة بسرعة وحساسية عالية.

كانت صناعة الطيران السبّاقة في التحرك. في 28 يونيو، أعلنت شركة هينان الجوية عن افتتاح خط طيران مباشر جديد من هايكو إلى جدة في السعودية، في حين بدأت طيران الإمارات تشغيل رحلات يومية مباشرة من دبي إلى شنتشن اعتبارًا من يوليو. لا شك أن هذه الرحلات الجديدة ستقلص بشكل كبير وقت وتكلفة السفر، مما يمنح دفعة قوية لتبادل السياحة والأعمال بين البلدين.

وكان مقدمو خدمات السياحة بنفس السرعة في الاستجابة. في يوم الإعلان عن سياسة الإعفاء من التأشيرة، أطلقت شركة كانو للسفر، واحدة من أكبر مجموعات السفر في الخليج، أربع جولات جديدة إلى الصين تستهدف سكان الإمارات والبحرين والسعودية ودول أخرى، معروضة في شكل برامج سياحية مخصصة متنوعة. وأكد الرئيس التنفيذي أن سياسة الإعفاء من التأشيرة خلقت إمكانيات جديدة للتعاون الثقافي والتجاري بين الصين والعالم العربي.

فيديو | فعالية الترويج السياحي “مرحباً! الصين” تحظى بشعبية كبيرة في البحرين

كانت الفعاليات الترويجية الميدانية نابضة بالحياة أيضًا. من 20 إلى 22 يونيو، نظمت السفارة الصينية في البحرين بالتعاون مع المركز الثقافي الصيني في الإمارات فعالية ترويجية للسياحة بعنوان “مرحباً! الصين” في أكبر مركز تسوق في البحرين. جذبت عروض رقص الأسد وعروض فنون الشاي حشوداً كبيرة من الزوار. أمام منصات الاستشارة، قام العديد من المواطنين بتدوين اقتراحات مسارات الرحلات بحماس، وتناقشوا بحيوية حول ما إذا كانت بكين أم تشنغدو وجهتهم الأولى. كما قال أحد الحضور: “الإعفاء من التأشيرة حوّل رحلة الصين من حلم إلى واقع يمكن تحقيقه في أي وقت.”

تتبع الشعبية: الدافعان المزدوجان للأسس التعاونية والجاذبية الثقافية

في الواقع، قبل تنفيذ السياسة رسميًا، كانت التعاونات الاقتصادية والتجارية والطاقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تشهد تصاعدًا مستمرًا. كواحدة من أكبر الشركاء التجاريين لمجلس التعاون الخليجي، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والخليج 288.09 مليار دولار أمريكي في عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، تعد الصين أكبر مستورد للنفط من دول الخليج، وهي السوق المفضل بشكل متزايد للعديد من الشركات الخليجية التي تتجه نحو العالمية.

حصلت منشورات “رحلة الصين” التي نشرها مؤثرون من الإمارات على عدد كبير من الإعجابات.

بعيدًا عن الروابط الاقتصادية القوية، لا يمكن التقليل من جاذبية الثقافة الصينية أيضًا. منذ أن بدأت الصين في أواخر عام 2023 بتنفيذ سياسة الإعفاء من التأشيرة من جانب واحد، أصبحت “السفر إلى الصين” موضوعًا رائجًا بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي في الخارج، حيث يتشارك عدد لا يحصى من المسافرين تجاربهم الفريدة في الصين. من المناظر الطبيعية الخلابة والمعالم التاريخية والثقافية الرائعة إلى حيوية المدن الحديثة، تجذب جاذبية الصين الفريدة عددًا متزايدًا من الزوار الدوليين. وأثناء إعلان سياسة الإعفاء من التأشيرة لأربع دول، زار فريق من المؤثرين الإماراتيين، نظمتهما السفارة الصينية في الإمارات ومركز الثقافة الصيني في الإمارات، الصين. حيث قاموا بجولة في شنغهاي وسوتشو وبكين ومدن أخرى، وسجلوا الصين الحقيقية والمتعددة الأبعاد عبر عدساتهم. وقد حصد محتواهم أكثر من 30 مليون مشاهدة في جميع أنحاء العالم، مما أشعل موجة جديدة من “الحمى الصينية”.

مستقبل واعد: من “المفضل الجديد” للسفر إلى مجتمع المصير المشترك

الإعفاء من التأشيرة لا يعني فقط المزيد من السياح، بل يعني أيضًا فهمًا ثقافيًا أعمق، وقنوات تعاون أوسع، وثقة دولية أقوى.

According to data released by the National Bureau of Statistics, among the 26.94 million inbound tourists to China in 2024, as many as 75% entered visa-free. In the first quarter of this year, more than 9 million foreigners entered through various ports, an increase of over 40% compared to the same period last year. In the first four months, over 18,000 new foreign-invested enterprises were established in China, a year-on-year increase of 12.1%. These figures clearly demonstrate that visa-free and related facilitation policies are becoming important engines driving China’s economic growth and opening-up.

في عام 2024، قامت أجهزة الهجرة في الصين بفحص ما مجموعه 610 ملايين من المسافرين القادمين والمغادرين، بزيادة قدرها 43.9% مقارنة بالعام السابق؛ حيث بلغ عدد الأجانب الذين دخلوا الصين بدون تأشيرة 20.115 مليون شخص، بزيادة 112.3% عن العام السابق.

يرى المحللون عمومًا أن هذه السياسة تتماشى بشكل كبير مع مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين. من خلال تسهيل حركة الأشخاص، تخلق بيئة أكثر ملاءمة للتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا وغيرها، مما يساعد على بناء شراكة أوثق بين الصين ودول الخليج. أما على الصعيد التجاري، فإنها تخفض بشكل كبير عتبة دخول الشركات الخليجية الباحثة عن فرص في الصين، مما يسهل مشاركتهم في المعارض والزيارات التجارية، ويعمق التعاون في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والبناء والتكنولوجيا المالية واللوجستيات والعقارات. وفي الوقت نفسه، تفتح سياسة الإعفاء من التأشيرة طرقًا جديدة للتبادل الثقافي والأكاديمي، مما يعزز بشكل كبير التعاون التعليمي والتفاهم الثقافي، ويقوي العلاقات الثنائية طويلة الأمد.

في صحيفة “عرب نيوز” السعودية، كتب السفير الصيني لدى السعودية تشانغ هوا: “نرحب بالمزيد من أصدقائنا السعوديين ليركبوا ‘رياح’ الإعفاء من التأشيرة لرحلة عفوية إلى الصين، ليستكشفوا الجبال والأنهار الشاسعة في الصين، ويتذوقوا الأطعمة المحلية المتنوعة، ويكوّنوا صداقات مع الصينيين الودودين، ويشعروا بالصين الحديثة المزدهرة والمتطورة.”

الإعفاء من التأشيرة يجعل الصين — التي كانت تعيقها المسافة والتأشيرات واللغة — أكثر سهولة من أي وقت مضى. عندما تلتقي تمرات الخليج العربي برائحة الشاي الشرقية، وعندما ترد أجراس الجمال في الصحراء بأصوات صفارات نهر اليانغتسي، فإن هذه الرحلة ذات الاتجاهين عبر الجبال والبحار بدأت فقط في كتابة فصلها الأول الأكثر تأثيرًا.