
بفضل سياسات التأشيرات الميسرة وخطوط الطيران المباشرة بالإضافة إلى تجارب السفر الفريدة، شهد عدد السياح الصينيين المتجهين إلى دول الشرق الأوسط، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، زيادة كبيرة خلال عطلة العيد الوطني وعيد منتصف الخريف الطويلة في الصين هذا العام. ووفقًا لبيانات موقع السفر “携程” (Ctrip)، فقد ارتفع حجم الحجوزات من قِبل السياح الصينيين المتجهين إلى أبوظبي بنسبة 229٪ على أساس سنوي خلال الفترة من 27 سبتمبر إلى 8 أكتوبر. كما تُظهر بيانات شركة تحليل بيانات السياحة ForwardKeys أنه خلال الفترة من 27 سبتمبر إلى 12 أكتوبر، ارتفع عدد السياح الصينيين المتجهين إلى دبي بنسبة 27٪ على أساس سنوي.
ومن أجل تعميق التعاون السياحي مع الدول العربية في منطقة الخليج، حققت الصين إلغاء التأشيرة بشكل كامل لجميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون). وبإمكان مواطني دول مجلس التعاون الاكتفاء بجواز سفر واحد للقيام برحلة إلى الصين “متى أرادوا”، حيث تشهد العديد من دول الخليج موجة متصاعدة من “حُمّى السفر إلى الصين”.
ولتعزيز اهتمام الجانب العربي بسوق السياحة الوافدة إلى الصين، نظم المركز الثقافي الصيني في الإمارات منذ مطلع هذا العام، وتحت إشراف وزارة الثقافة والسياحة الصينية وسفارة الصين في دولة الإمارات والقنصلية العامة للصين في دبي، سلسلة من الفعاليات الترويجية السياحية الموجهة لمواطني دول الخليج.
وخلال الفترة من 28 أبريل إلى 1 مايو من هذا العام، نظم المركز الثقافي الصيني في الإمارات جناحًا يضم وفدًا مكونًا من 130 مشاركًا من الصين، بينهم سبع جهات معنية بالثقافة والسياحة و26 شركة مرتبطة بقطاع السياحة، يمثلون 13 وجهة هي: بكين، لياونينغ، هيلونغجيانغ، شنغهاي، جيانغسو، شاندونغ، هوبي، هونان، قوانغدونغ، قوانغشي، سيتشوان، تشونغتشينغ، وشنشي، وذلك للمشاركة المشتركة في معرض السياحة العربي 2025 الذي أُقيم في دبي بدولة الإمارات. وحمل الجناح الصيني شعار “مرحبًا، يا الصين!”، وركز على “التواصل وعقد اللقاءات بين منظمي الرحلات من الصين والخارج”، مع إبراز ثلاث سمات رئيسية هي “السياحة + الثقافة”، و”السياحة + الطيران”، و”السياحة + التكنولوجيا”، لترويج السياحة الوافدة إلى الصين بشكل شامل. وقد أجرت 26 شركة صينية عاملة في مجال السياحة الوافدة إلى الصين لقاءات عميقة للتواصل وعقد الصفقات مع منظمي الرحلات السياحية من مختلف الدول العربية داخل الجناح الصيني، وقدمت أحدث المنتجات والخدمات الخاصة بالسياحة الوافدة إلى الصين، وتلقت ما يزيد على 150 استفسارًا رسميًا بشأن مجموعات سياحية متجهة إلى الصين، تحوّل جزء منها بالفعل إلى عقود فعلية.
وفي 23 سبتمبر، افتتح في دبي بدولة الإمارات “معرض الصين–دول الخليج العربية لتجارة السياحة 2025” تحت عنوان “مرحبًا، يا الصين! CHINA GATEWAY 2025″، بمشاركة أكثر من 160 ممثلاً عن شركات ومؤسسات السياحة من الصين والدول العربية. وخلال الفعالية، أجرت 11 جهة صينية موردة لخدمات السياحة الوافدة إلى الصين و37 شركة سفر من دول الخليج المشترية، بالإضافة إلى 42 شركة صينية لتنظيم رحلات السياحة المغادرة إلى الخارج و46 شركة سفر من دول الخليج، مشاوراتٍ تجاريةً حول السياحة الوافدة والمغادرة بين الصين ودول الخليج، وزيارات المعارض، والتجارب الثقافية والمتاحف، والبرامج التعليمية والدراسية. كما جرى نقاش تحت عنوان “السياحة بين الصين ومنطقة الخليج واستقبال فئة العملاء ذوي الثروات العالية” بهدف توسيع أسواق الجانبين وإجراء مشاورات تجارية. كما تمت دعوة عدد من المؤسسات للمشاركة، من بينها دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، ودائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، وطيران الإمارات، ووزارة التراث والسياحة في عُمان، والهيئة الملكية للعُلا في السعودية.
ومنذ أواخر عام 2023، ومع شروع الصين تدريجيًا في تطبيق سياسات الإعفاء من التأشيرة من طرف واحد، يواصل “السفر إلى الصين” تحقيق انتشار واسع على منصات التواصل الاجتماعي في الخارج، حيث يسارع المسافرون إلى مشاركة تجاربهم الفريدة في الصين. وبعد إعلان الصين تطبيق سياسة الإعفاء من التأشيرة من طرف واحد على السعودية وعُمان والكويت والبحرين، قام وفد من مشاهير الإنترنت في الإمارات بزيارة الصين بتنظيم من سفارة الصين في الإمارات والمركز الثقافي الصيني في الإمارات، حيث زار الوفد كلاً من شنغهاي وسوتشو وبكين وغيرها من المدن، ووثق “الصين الحقيقية والمتعددة الأبعاد” بعدسة الكاميرا، محققًا أكثر من 30 مليون مشاهدة داخل الصين وخارجها، ما أثار موجة جديدة من “الحماس تجاه الصين”. وقال المدون السياحي الإماراتي عبد الله مطر على وسائل التواصل الاجتماعي إن سياسات الإعفاء من التأشيرة تشكل فائدة كبيرة للسياح من دول مجلس التعاون، بما في ذلك الإمارات، للسفر إلى الصين.
وفي يونيو من هذا العام، نظمت سفارة الصين في البحرين والمركز الثقافي الصيني في الإمارات فعالية ترويجية للسياحة تحت عنوان “مرحبًا، يا الصين!” في أكبر مركز تجاري في البحرين. وقد جذبت عروض رقصات الأسد وعروض فنون الشاي حشودًا كبيرة من الناس للتوقف والمشاهدة. وأكد العديد من الحاضرين أن سياسات الإعفاء من التأشيرة حوّلت “رحلة إلى الصين” من حلم إلى واقع “يمكن القيام به في أي وقت”. وفي سبتمبر من هذا العام، وبدعم من المركز الثقافي الصيني في الإمارات، قدّم فريق الفنون من مدينة تشنغدو الصينية عرضًا خاصًا بعنوان “نلتقي تحت نفس القمر رغم بُعد المسافات” على مسرح البحرين الوطني، حيث توالت عروض الرقص السيتشواني، والموسيقى الشعبية الصينية الجديدة، والمهارات الأكروباتية بالكرة، وأوبرا سيتشوان، وفنون القتال (الووشو)، وعروض التوازن بالقدم، إلى جانب التفاعل مع الجمهور من خلال فنون التراث غير المادي مثل رسم السكر، وصناعة تماثيل العجين، والقصاصات الورقية، وحياكة الحبال، مما أظهر العمق الثقافي الصيني الأصيل وسحر ثقافة باشو الفريد.
وبالنظر إلى الاختلافات في عادات الطعام والثقافة واللغة وغيرها لدى مواطني دول الخليج، تتعاون حكومات المقاصد السياحية في الصين مع منظمي الرحلات السياحية بشكل نشط لإطلاق المزيد من إجراءات التيسير، بحيث يصبح “الانطلاق في رحلة إلى الصين متى شئت، والاستمتاع برحلة سهلة ومبهجة في ربوع الصين” خيارًا متاحًا لعدد أكبر من مواطني دول الخليج.
وقال عيد اليامي، مدير مكتب الشؤون الدولية بوزارة الاستثمار السعودية، على وسائل التواصل الاجتماعي: “إن رحلةً إلى الصين يمكن القيام بها متى شئت هي أمر يبعث على التطلع. ويسرّني أن أرى أن العلاقات بين السعودية والصين تزداد متانة، وأن التبادل الثقافي وتنقل الأفراد أصبح أكثر سهولة.” وقال جواد الحواج، رئيس جمعية الصداقة البحرينية–الصينية، إن سياسات الإعفاء من التأشيرة توفر فرصة لتعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البحرين والصين، وإن الجمعية ستغتنم هذه الفرصة لتعزيز التبادل الشعبي بين الجانبين. وقال إسحاق الأزري، أستاذ قسم اللغة الصينية في جامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان، إنه من المتوقع أن يزداد عدد رجال الأعمال العُمانيين الذين يتوجهون إلى الصين للقيام بأنشطة تجارية زيادةً كبيرة، وأن التعاون في قطاع السياحة بين الجانبين سيرتقي في الجودة والمستوى. كما يتطلع السياح العُمانيون إلى زيارة الصين للتعرف على تاريخها العريق وثقافتها الغنية والمتنوعة. وقال جاسم محمود، المسؤول المعني في إدارة العلاقات العامة والإعلام في هيئة السياحة القطرية، إنه يتطلع إلى تعميق التعاون السياحي مع مزيد من الشركاء، ودفع نمو سوق السياحة بين قطر والصين إلى مزيد من الازدهار.
وأوضح المركز الثقافي الصيني في الإمارات أنه في السنوات الأخيرة شهدت الروابط الجوية بين الصين ودول الخليج تعزيزًا ملحوظًا، حيث افتتحت شركات الطيران الصينية الخمس الكبرى وشركات الطيران الرئيسية في دول الخليج رحلاتٍ مباشرة بين الصين ودول الخليج. وحاليًا، توجد سبع شركات طيران، هي: الخطوط الجوية الصينية (Air China)، والخطوط الجوية الصينية الجنوبية، والخطوط الجوية الصينية الشرقية، وخطوط سيتشوان الجوية، وخطوط هاينان الجوية، وطيران الإمارات، وطيران الاتحاد، تُشغّل أكثر من 200 رحلة ذهاب وعودة أسبوعيًا بين البر الرئيسي الصيني ودولة الإمارات. كما افتتحت 13 مدينة صينية هي: بكين، شنغهاي، قوانغتشو، تشنغدو، ينشوان، تشونغتشينغ، هانغتشو، شنتشن، ووهان، كونمينغ، تشينغداو، شيآن، وهايكو، رحلاتٍ جوية مباشرة إلى الإمارات. ومنذ بداية هذا العام، تواصل شركات الطيران الصينية والأجنبية فتح خطوط جديدة وزيادة وتيرة الرحلات، مما يوفر دعمًا قويًا للتعاون السياحي وتنقل الأفراد. وفي 28 يونيو، أعلنت خطوط هاينان الجوية عن إطلاق خط جوي مباشر جديد من هايكو إلى جدة في السعودية. ومنذ 1 يوليو، بدأت طيران الإمارات بتشغيل رحلة يومية مباشرة من دبي إلى شنتشن. وقد أسهمت هذه الرحلات الجديدة في تقصير زمن السفر وخفض تكاليفه، وتوفير مزيد من التسهيلات للتبادلات السياحية والتجارية بين البلدين.
ومنذ عام 2023، تعمل شركات السياحة المحلية في الإمارات بنشاط على التخطيط لإنشاء موقع TraveltoChina.ae، وهو موقع مخصص للسياحة الوافدة إلى الصين يستهدف الزوار من دول الخليج، كما تنفذ حملات تسويق متعددة المنصات عبر الإنترنت موجهة إلى الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون، لتقديم مسارات سفر مخصصة وشخصية إلى الصين لسياح دول الخليج. وفي الوقت نفسه، أطلقت شركة كانو للسفر في دول الخليج أربع مسارات جديدة لرحلات “السفر إلى الصين”، مروجةً برامجَ سياحية متنوعة مخصصة لمواطني الإمارات والبحرين والسعودية وغيرها. كما طرحت شركة MPQ للسياحة سلسلة من باقات السفر إلى الصين، تشمل مسارات كلاسيكية مثل شيامن–تشوانتشو، وهونغ كونغ–تشانغجياجيه–مدينة فنغهوانغ القديمة، وبكين، وشنغهاي–ووشي–هانغتشو، وذلك لتلبية احتياجات السفر المتنوعة لدى السياح من دول الخليج. أما مجموعة Al Rais للسياحة، باعتبارها واحدة من أكبر منظمي الرحلات الموجهة للمواطنين الإماراتيين في دولة الإمارات، فقد أولت الأولوية لإطلاق منتجات سياحية مميزة مخصصة لمنطقة خليج قوانغدونغ–هونغ كونغ–ماكاو الكبرى، من خلال دمج الموارد السياحية المتنوعة في الصين، وتوفير خيار “منطقة الخليج الكبرى+” لسياح دول الخليج.
ووفقًا لبيانات إحصائية من “携程” (Ctrip)، فقد ارتفع عدد طلبات السياحة الوافدة على منصة “携程” في الربع الأول من هذا العام بنسبة 100٪ على أساس سنوي، بينما ارتفع عدد طلبات السياحة الوافدة من السعودية بنسبة 235٪ على أساس سنوي. ويُعد هذا النمو الانفجاري انعكاسًا مباشرًا لأثر السياسات، ومع استمرار释放 مكاسب هذه السياسات، من المتوقع أن يشهد سوق السياحة من دول الخليج إلى الصين فترة نمو سريع خلال الدورة القادمة، وأن يصبح مصدرًا جديدًا مهمًا لنمو السياحة الوافدة إلى الصين.



